طالبات مصريات بالجامعة الأمريكية يبتكرن خرسانة ذاتية الإنارة
ربما تفاجأ مستقبلاً وأنت تسير في شوارع العاصمة المصرية القاهرة بإضاءة في شوارعها من دون وجود مصدر واضح لها… وربما تظن وقتها أن ظاهرة الشفق القطبي، حيث تتشكل أضواء طبيعية ساحرة في القطبين الشمالي والجنوبي، بسبب تفاعل الرياح الشمسية مع المجال المغناطيسي للأرض، قد انتقلت إلى مصر أو إذا كنت من أصحاب القلوب الضعيفة، فقد ينتابك بعض الخوف، وتظن أن هناك قوة سحرية باتت تتحكم في الطريق.
تريث قليلاً قبل أن تظن هذا أو ذاك، ذلك لأن طالبات مصريات من الجامعة الأميركية بالقاهرة، بتن على أول الطريق نحو إنتاج خرسانة ذاتية الإضاءة، ستتم تجربتها قريباً في إحدى القرى السياحية، تمهيداً للإنتاج التجاري لها، وذلك بعد أن حققوا نجاحاً ملموساً في تجاربهم المعملية التي تم إنجازها بمشروع تخرجهم في الجامعة، وتم تقديمها مؤخراً في الاجتماع السنوي 101 لمجلس أبحاث النقل الذي عقد في العاصمة الأميركية واشنطن.
وبينما توجد محاولات هولندية لفكرة شبيهة، لا تزال أيضاً في طور التجريب، يقول الدكتور محمد نجيب أبو زيد، أستاذ هندسة التشييد بالجامعة الأميركية بالقاهرة والمشرف على مشروع تخرج الطالبات، إن منتجهم يختلف في الكيفية وطبيعة المواد المستخدمة.
ويعتمد منتج الطالبات المصريات على وجود مواد داخل الخرسانة يمكنها امتصاص أشعة الشمس بالنهار والإنارة ليلاً، وبالتالي عند استخدامها يمكن إضاءة الطرق والأرصفة ليلاً دون الاعتماد على الطاقة التقليدية، وهذه المواد متاحة في البيئة المصرية، كما يؤكد أبو زيد.
ويضيف: «ما يميز الفكرة التي قدمتها الطالبات المصريات أيضاً، هي تقديم توليفة من المواد، بعضها يصلح للأرصفة وبعضها يصلح لنهر الطريق، وذلك اعتماداً على المقاومة، فمواد الإضاءة المستخدمة في نهر الطريق، حيث تكون الأحمال كبيرة، مختلفة عن المواد المستخدمة في خرسانة الأرصفة، حيث تكون الأحمال أقل».
وفوق كل ذلك، يشير أبو زيد، إلى أن المواد المستخدمة آمنة، فلا تغير من تركيبة الخرسانة بشكل يؤثر على خواصها، فضلاً عن أنها مستدامة، أي أن قوتها التخزينية كبيرة، فتستطيع أن تخزن كمية كبيرة من الطاقة الشمسية نهاراً، لتقدم الإضاءة لساعات طويلة خلال الليل.
ومن جانبها، ربطت الطالبة زينب محمود، أحد أعضاء الفريق الطلابي، صاحب الفكرة، بين استخدام هذه المواد، ومواجهة ظاهرة تغيرات المناخ.
وقالت في بيان صحافي أصدرته الجامعة الأميركية: «إن استخدام هذه المواد في مصر في مثل هذا السياق سيقلل الاعتماد الكبير على الكهرباء وبالتالي يمثل خطوة نشطة نحو مكافحة تغير المناخ والحفاظ على البيئة، وهو أحد الأهداف الرئيسية لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP27 الذي تستضيفه مصر هذا العام».
وأوضحت أن أحد أسباب اهتمام فريق العمل بهذه الفكرة هو بعض المشكلات المتعلقة بالآثار البيئية الضارة المرتبطة باستخدام الخرسانة، حيث نشأت الفكرة من الرغبة في تحويل مادة بناء متكاملة مثل الخرسانة إلى مادة أكثر استدامة وغير ضارة بالبيئة في كل من تكوينها ووظيفتها.