الخروج الآمن للجيش والإخوان!
بقلم: عماد عنان
الحديث عن مليونيات هنا وهناك، أصبح أمرا يثير الغثيان والقلق على مستقبل وطن كان مثالا للأمن والاستقرار ، الصراعات المستعرة على جسد الوطن بهدف النهش السياسي كل في مكانه ، أنهكت الوطن وأتعبت المواطن.
من يتابع شاشات الفضائيات ( الموضوعية ) ويتصفح صدر الصحف (المهنية) يجد الصورة مقسمة إلى قسمين ، مليونيات تدعمها التيارات الإسلامية ، وأخرى يدعمها التيار المدني ، ومابين هذه وتلك تقف مصر منتحبة لاتدري في أي الاتجاهات تسير.
ويبقي السؤال ، إلى متى سيظل الإخوان في الميادين وفي الشوارع؟!.. هذا السؤال ليس موجهًا إلى فريق "إدارة الأزمة" بمكتب الإرشاد وحسب، وإنما موجه أيضًا إلى المؤسسة العسكرية. على الجماعة أن تلغي من أجندتها تمامًا فكرة "إنهاك الجيش" أو "هزيمته سياسيًا".. وعلى الأخير أيضًا ـ أي الجيش ـ أن يقدم لها ما يطيب خواطرها، لأن مصابها في عزل د. مرسي كان عظيمًا وجللًا. ويبدو لي أن الطرفين يحتاجان إلى المساعدة، لأنه إذا كان سقف المطالب المعلنة، من قبل قادة الجماعة الميدانيين "مستحيلة" على النحو الذي لا يشجع على مد يد المساعدة، فإن الطرف الثاني، لم يقدم تعويضًا سياسيًا للجماعة، يعدل خروجهم من السلطة، بالطريقة التي تمت يوم 3 يوليو 2013 . نسمع عن وجود مبادرات، تقدم عبر وسطاء "محليين" أو "أجانب" كما صرح مؤخرًا د. محمد البلتاجي في تصريحات لشبكة "بلومبرغ" الأميركية يوم أمس الأول 13/7/2013.. فيما لا يعرف أحد شيئًا عن فحوى تلك المبادرات.. وما إذا كانت تتضمن ما يحقق انصرافًا مشرفًا للإخوان من الميادين من جهة..
وتحفظ للجيش هيبته العسكرية من جهة أخرى. لأن الأزمة لا يمكن أن تحل إلا من خلال التوافق على "صيغة" تراعي خصوصية الحالة التي عليها الآن كل طرف.. فالجماعة تشعر بـ"القهر" وليس من الحكمة أن يعالج هذا القهر.. بقهر أكبر.. وتبحث عن الانصراف المشرف من الميادين.. والجيش لن يتراجع عن قراره بعزل الرئيس السابق، ويأمل رجوعه "منتصرًا" إلى الثكنات. إنها المعضلة التي تحتاج إلى اجتهادات سياسية، بعيدًا عن تأثير "الأقلية الاستئصالية" الموجودة داخل التيار المدني.. التي تطالب بإقصاء الإسلاميين في المجمل، إخوان وغيرهم، من العملية السياسية.. لأن تجارب كل الأنظمة التي تعاقبت على إدارة البلاد خلال العقود الستة الأخيرة، أثبتت فشل فلسفة الحكم التي تقوم على التهميش والإقصاء. وإذا كان على الجماعة، أن تدرك بأنها لن تستطيع مواصلة نضالها السياسي، بمفردها ومعزولة عن بقية القوى الوطنية الأخرى..
فإن على السلطة الجديدة، أن تسدل الستار على مرارات ما قبل وما بعد 30يونيو، من خلال تقديم مبادرة جسورة للمصالحة الوطنية، تقنع الجماعة بأنها شريكة حقيقية في صوغ مستقبل مصر السياسي. نأمل من الإخوان التخلي عن المطالب التعجيزية.. فالحق ـ أحيانًا كثيرة ـ قد يتراجع أمام ضغوط الواقع.. ونزولًا عند الشروط الموضوعية على الأرض.. وعلى النظام الجديد، أن يتحمل مسؤوليته في احتواء الجميع، مؤيدين ومعارضين، وليتذكر أن من بين مسوغات بيان القيادة العامة للقوات المسلحة في 3/7/2013.. هو تحقيق المصالحة الوطنية.. ومصر كلها تنتظر إنجازها الآن.. الآن.. وليس غدًا