أصر مبارك على عرضه.. فيلم لـ نور الشريف كاد أن يتسبب في أزمة بين مصر وفلسطين
كان الجميع مصوبًا نظره تجاه الفيلم الافتتاحي لمهرجان القاهرة السينمائي 1992، والذي قرر مسئولوه أن يكون فيلم «ناجي العلي» للفنان نور الشريف، على الناحية الأخرى كانت نيران الغضب تشتعل في رأس الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وعدد ليس قليلا من الفنانين المصريين الرافضين لعرض الفيلم.
في هذه الأثناء كانت القاهرة على موعد مع زيارة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات للقاء الرئيس مبارك الذي فؤجي بأن أول كلام يخرج من "أبوعمار" طلب بوقف عرض فيلم " ناجي العلي".
على الفور استدعي مبارك مستشاره الدكتور أسامة الباز ليطلب رأيه بصفته شاهد الفيلم والذي أكد بدوره أن الفيلم جيد ولا يوجد به أي مشاكل أو إساءات وبالفعل تم عرض الفيلم إلا أن معارك ومشاكل ظلت تطارد "نور الشريف" سنوات طويلة من عمره.
ناجي العلي هو رسام كاريكاتير فلسطيني ولد بقرية الشجرة عام 1937 وقتل في 22 يوليو 1987 بعدما أطلق شاب مجهول النار عليه ليتم اكتشاف انتماء الشاب فيما بعد لمنظمة التحرير الفلسطينية وسط اتهامات مختلفة بتورط الموساد والمخابرات العراقية ومنظمة التحرير الفلسطينية في الحادث.
ظل العلي طوال سنوات حياته ناقدًا ناقمًا على سياسات الدول العربية وتعاملها مع القضية الفلسطينية وهو ما جعله مكروهًا بسبب مواقفة خاصة وأن موهبته وقدرته الكبير على تقديم النقد اللذاع لم يعجب الكثير من الحكام، في النهاية مات العلي وقرر الشريف أن يقدم سيرته.
سيرة ناجي العلي دفعت كل من بشير الديك الكاتب والسيناريست ونور الشريف والمخرج عاطف الطيب لتقديمها للسينما وهو ما حدث بالفعل حيث اجتمع الثلاثة لمناقشة السيناريو وما يمكن تنفيذه وبالفعل تم الإستقرار على إنتاجه إلا أن نور الشريف فوجئ وقبل تنفيذه للفيلم بهجوم كبير عليه.
يروى الشريف عن هذا الهجوم أن كل الوسط الفني تجاهله وأوقف التواصل معه باستثناء الفنان سمير صبري والذي كان دائم الحديث معه والسؤال عنه، تطارد اتهامات مرة بأن الفيلم تموله منظمة التحرير الفلسطينية وقدمت 3 ملايين دولار لإنتاجه ومرة أخرى بأنه خائن للوطن فكيف يقدم شخصية رجل هاجم النظام المصري.
رغم كل الهجوم تم عرض الفيلم بالفعل لكنه لم يستمر سوى أسبوعين فقط كانت في دور العرض حيث ساهمت الحملة الشرسة في احجام المشاهدين عنه لتظل تهم الخيانة والغضب تطارد نور الشريف لسنوات طويلة تعرض فيها لحملة مقاطعة من الدول العربية، التي رفضت أن تعرض أفلامه في دور السينما لديها، وفي مصر تعرض لحصار كبير منعه من الإنتاج.
وفي هذه الفترة، صدر قرار بمنع عرض جميع أفلام نور الشريف في الخليج ليس بسبب "ناجي العلي" وإنما كان ذلك ضمن قائمة من المثقفين والمفكرين المصريين أولها اسم الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، وكان نور الشريف من بينهم، وحتى لا يكون وحده ضموا إليه الفنانتين محسنة توفيق ونادية لطفي.
ظل الفيلم ممنوعا لما يقرب من 22 سنة، ليعرض للمرة الأولى على التليفزيون المصري في 2014، ليعلن انتصار نور الشريف وفريق الفيلم في المعركة التي حاربهم فيها الجميع، والتي شرعت في وجوههم كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، وليعلن أن لا أحد يستطيع منع الكلمة من أن تنتشر وتحلق وتدوي.