راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

الحكومة الإلكترونية .. دواء قاتل لـ " أمراض " البيروقراطية والترهل الإداري بـ " الدولة "

 

 

أصبحت في الأعوام الأخيرة ضرورة حيوية لمواكبة المتغيرات والحاجات الإدارية والخدماتية والحضارية فى الداخل والخارج

الحكومة الالكترونية

  التوعية القانونية والقضائية للأفراد والمؤسسات تكفل ضبط العلاقة بين  المجتمع والدولة، وتخفف  من المنازعات التي تجهد وتربك " الافراد والمجتمع "

 

هايدي فلفل

 تسبب قرار الداخلية المصرية في تتبع المواقع التواصلية المختلفة، في إحداث حالة كبيرة من الجدل، حول قدرة الداخلية على تتبع 90 مليون مواطن مصري، ومراقبة أقوالهم وتصرفاتهم، وبين تشكيك البعض في قدرة الداخلية على مسايرة محترفى شبكات التواصل، الذين استطاعوا في فترات مضت إختراق بعض المواقع الحكومية، وتسجيل أرائهم علي واجهة صفحاتها، أم أن الأمر أكبر من أن تقدر عليه الداخلية بمفردها، وبالتالي على الحكومة بأكلمها الإنتقال الي العصر التكنولوجي، وتطبيق النظام الإلكتروني في التعامل، حتي يتسني لها أن تكون " حكومة الكترونية  "  بما يسمح لها مساعدة الداخلية باعتبار أنها جزء من كل، بمعني أن الداخلية وقتها ستتعامل وفق أليات معممة تتبعها الحكومة المصرية لتسهيل عملها !

    بداية .. لم تعد الحكومة الإلكترونية أو الإدارة الإلكترونية مجرد ترف أو حتى شغف بالتطوير، بالرغم  من  أهمية وحساسية ذلك – بل باتت في الأعوام الأخيرة، ضرورة حيوية، لمواكبة المتغيرات، والحاجات الإدارية والخدماتية والحضارية، على الصعيدين الداخلي والخارجي، وبالتحديد في مجال استخدام برامج التواصل الاجتماعي، في خدمة الإدارة والمجتمع والأهداف الحكومية، فالإدارة العازفة عن الخوض في هذا المجال في العصر الرقمي، ادارة عاجزة عن مواكبة التطور ومواكبة مجتمعها، وبالتالي فهي إدارة فاشلة وضعيفة الفائدة والانتاجية.

 

 

 

1 ـ الحكومة الإلكترونية .. الحاجة " أم الاختراع "

   الحكومة الالكترونية ليست بدعة تسير عليها الحكومة المصرية اذا ماقررت التوجه لذلك، بما يؤكد الانتشار الواسع للمشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي، حجم التحدي الذي يواجه الإدارات الحكومية، في مواكبة هذه التطورات الحاسمة، فعلى سبيل المثال تجاوز عدد مستخدمي موقع الفيس بوك في العالم 1.12 مليار شخص، أي بمعدل واحد من كل سبعة أشخاص يعيشون على سطح الكوكب، في حين اقترب عدد مستخدمي موقع تويتر من ثمانمائة مليون شخص .

    عربيا وافريقيا واسيويا .. كانت دولة الامارات العربية المتحدة لها الريادة في تطبيق هذا الامر، واستطاعت توظيف الأنترنت والشبكة العالمية، لتقديم معلومات وخدمات حكومية الى المواطنين، وأحتلت الدولة الشقيقة موقعا متميزا، ليس فقط على مستوى المنطقة، بل على مستوى العالم، فيما يخص الفعالية ومواكبة التطور في مجال " الحكومة الالكترونية " حيث لعبت عدة عوامل لصالح دولة الامارات، وبالاخص امارة دبي بغية انجاح هذه التجربة وبشكل مبكر جدا والتقدم فيها، الى حد تجاوزها    " أي "الحكومة الالكترونية" " الى مرحلة الخوض في "الحكومة الذكية" ومن ثم البدء بمفهوم " المدينة الذكية "، والتي باتت تعتمد على التقدم الهائل في وسائل الاتصال والتواصل المحمولة.

  وتحولت الامارات الي منتج رقمي منذ اعلان نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في التاسع عشر من اكتوبر الماضي، عن مشروع تحويل دبي إلى "مدينة ذكية"، وذلك عن طريق ربط مرافق وخدمات المدينة كافة عبر أنظمة إلكترونية مترابطة، جاء هذا الاعلان بمثابة حجر الاساس في مشروع فريد على مستوى الشرق الأوسط، يهدف إلى الاستفادة القصوى من التكنولوجيا الالكترونية لتطوير وتفعيل الادارة الى أقصى درجة وطاقة ممكنة.

  وأكد بن راشد، عند إطلاقه المشروع، إن الهدف منه هو تحسين الحياة وتسخير التكنولوجيا لصنع واقع جديد في مدينة دبي وحياة مختلفة ونموذج جديد في التنمية الهدف من خلاله "ايصال خدماتنا لكل طفل وأم وشاب ورجل أعمال وسائح"، موضحا أن مشروع مدينة دبي الذكية سيُرسّخ طريقة جديدة في إدارة المدن "نتمنى تعميمها لاحقاً عبر كافة مرافق الدولة حيث سيرتبط السكان مع المدينة بشكل دائم عبر شبكات عالية السرعة وسترتبط الجهات مع بعضها البعض لتوفير خدمات أفضل وأسرع وبتكلفة أقل".

2 ـ  البعد عن البيروقراطية أهم انجازات الأنظمة الرقمية

   من افضل ما سعت اليه دبي وقامت بتحقيقة، التخلص من البيروقراطية، وقام النظام الرقمي بالفعل بتولي ذلك، ولعله ليس من المبالغة القول، ان شغف القيادة في دبي بشكل خاص وفي دولة الامارات عموماً، في مسائل التطوير والريادة، والاستفادة من التقدم والتطور التكنولوجي، في تعزيز العمل الحكومي والإداري والخدماتي، وكان من أبرز العوامل المشجعة والدافعة بأتجاه تجربة الحكومة الالكترونية ومن ثم الحكومة الذكية، ولاحقا المدينة الذكية.

   وإضافة إلى هذا العامل الحاسم والحساس المتمثل في التوجيه والتشجيع والإشراف، من جانب القيادة، فهناك عوامل موضوعية بالغة الأهمية تلعب دوراً ايجابياً في هذا الخصوص منها، الانتشار المبكر والواسع، في استخدام أجهزة الاتصال والتواصل الذكية في مجتمع دولة الإمارات، ووجود بنية تحتية قوية ومتطورة، لشبكة الاتصالات، وبالأخص الأنترنت، إضافة إلى الانتشار الواسع لتغطية الواي فاي.

    يضاف إلى كل ذلك وجود بيئة أعمال صحية ومواتية على صعيد الدولة، تتفاعل استفادة وافادة من هذا الانتشار الواسع لبيئة الاتصال والتواصل.

   من العوامل المساعدة أيضا، الاعتقاد الجازم، على صعيد القيادة وبيئة الأعمال والإدارة الحكومية، بالأهمية الحاسمة للمكننة الالكترونية للإدارة، لمواجهة التدفق الهائل للسياح الى دولة الإمارات وبالأخص دبي، بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة للمقيمين العرب والأجانب، مقارنة بعدد المواطنين في الامارات عموما، حيث تخطت دبي في العام 2012 حاجز العشرة ملايين زائر، وتطمح لتخطي حاجز العشرين مليون زائر في العام 2020.

3 ـ الإدارة عن بعد ..  أهداف وفوائد

 اذا ماقررت الحكومة المصرية الأخذ بأسباب اعتمادها على النظام الإلكتروني، ولو أخذنا بعين الاعتبار أهداف الإدارة الإلكترونية، فستحقق  أبرز أهداف الإدارة الإلكترونية والتي تتركز حول المحاور التالية .

– تطوير الإدارة العامة خفض الأعمال الورقية، وإعادة استعمال الحلول…الخ، وتحسين الخدمات ـ  خفض التنقل، التوصيل في أي وقت وأي مكان، وسهولة الوصول للمعلومات ، وزيادة التفاعل بين الإدارة و الزبون المواطن، وتسهيل الإجراءات، وخفض النفقات  المصروفات .

  كما أن هناك فوائد كبرى إضافية للإدارة الاكترونية لا تقل اهمية عما جرى عرضه، تتمثل أساسا في مكافحة التأثيرات السلبية للبيروقراطية التي تعتبر الآفة الكبرى للحكومات والإدارات، هذه الفوائد تتمثل في

 السرعة في إنجاز العمل. إذ أن الخدمات الرقمية تستوجب تحديد وقت معين لأنجاز أي معاملة يتم التصريح عنها بدقة لحظة تلقي طلب الخدمة، تساعد الإدارة الرقمية، أوتوماتيكيا في اتخاذ القرار من خلال التوفير الدائم للمعلومات لتكون جاهزة بين يدي متخذي القرار وهذا ينتج عنه عموما، خفضٌ في تكاليف العمل الإداري مع رفع مستوى الإداء.

  تجاوز مشكلة البُعديْن الجغرافي والزمني، معالجة آفة الرشوة خاصة وأنه غالباً ليس هناك من تماس عملي مباشر بين الموظف وطالب الخدمة، وتطوير آلية العمل ومواكبة التطورات اذ أن العمل يتطور أوتوماتيكيا، مع وجود تحديثات وتطويرات متلاحقة على أنظمة العمل.

 رفع كفاءة العاملين في الإدارة، وبالأخص عبر تفاعل هؤلاء العاملين مع التكنولوجيا وتطوراتها ما يجعلهم مجبرين على مواكبة التطورات فالعمل في الحكومة الرقمية، من طرفي المعادلة: الموظف والزبون، يضع الجانبين تلقائيا في بيئة متطورة حديثة، تفرض عليهما نمط الحداثة.

 تحقيق الشفافية الحكومية، ما يُعزز الثقة بين الإدارة والمتعامل، أو بالأصح بين الحكومة والمواطن، اذ ينخفض الى حد كبير مستوى الامور التي يمكن اخفاؤها في التعامل بينهما.، و تحقيق المساواة في التعامل مع ما يمكن ان نطلق عليه تقنياً صفة "الزبائن" أي الاشخاص الراغبين في الحصول على الخدمات.

 الغاء المحاباة، فالكل سواسية أمام الادارة الرقمية، والغاء الوسطاء، إذ ليس هناك من وسيط ثالث بين الإدارة وطالب الخدمات، وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار، وتجدر الاشارة الى ان مجمل هذه الاهداف والفوائد الناجمة عن الادارة الرقمية، لا بد وأن تكون عاملاً مشجعاً الى اقصى الحدود لتشجيع الأعمال، وجذب الإستثمارات الداخلية والخارجية، استناداً الى تحقيق السرعة والشفافية والفعالية في الإدارة، فضعف الادارة هو العامل الاول الطارد للاستثمارات والمعطل للبيئة الاقتصادية وبيئة الأعمال.

  كل هذه الخواص التي يمكن للحكومة المصرية تفعيل النظم الإلكترونية التي حاولت الداخلية استخدامها لفرض نفوذها فى نطاق عملها، ولكن لتتخلص الحكومة من البيروقراطية، والترهل الاداري، الذي يكبح جماح الوطن ويعطل انطلاقه

 

4 ـ  المحكمة الإلكترونية .. بديل عن " روتين المحاكم "

      كشفت دراسة أجرتها شركة "Accenture" أن دولة الإمارات احتلت المرتبة الثالثة بين عشر دول في استخدام " الخدمات الحكومية الرقمية"، والتي تشمل إتاحة البوابات الإلكترونية على الإنترنت، والوصول إلى الخدمات العامة، واستخدام القنوات الرقمية ووسائل الإعلام الاجتماعي من أجل التواصل والتفاعل مع المواطنين، من بين أبرز هذه التجارب، تجربة الحكومة الالكترونية في امارة دبي.

    وقد جرى قياس الخدمات الحكومية الرقمية في الدول العشر، ومنحت نقاطاً تراكمية من 1 إلى 10 تبعاً لنتائجها في ثلاثة معايير، تقديم الخدمات للمواطن، الاستفادة من تعدد القنوات وتقديم الخدمات الحكومية بطرق توافقية وتكاملية، والمبادرة في التواصل والتعليم واستخدام الشبكات الاجتماعية.

   لا مبالغة في القول أن القضاء الالكتروني أو المحكمة الإلكترونية، عامل أساسي في إنجاح وإكمال وحماية تجربة الحكومة الالكترونية، خاصة أن المحاكم تشكل الإطار القانوني والإجرائي الرئيسي الذي لا بد منه، لنجاح أي تجربة ادارية، وبالاخص الإدارة الالكترونية.

     القريب من عمل المحاكم ونشاطها، يعرف انه  يطال كل شيء، بالأخص في مجال ضبط العلاقة والتعاملات بين الأفراد فيما بينهم، وبين الشركات فيما بينها، والأهم بين الأفراد أو الشركات من جهة، وبين الدولة ومؤسساتها وقوانينها من جهة أخرى، إضافة الى ضبط التعاملات بين الأفراد والشركات والمؤسسات من جهة وجهات خارجية محتملة في العلاقات ما بين الجانبين، يضاف إلى ذلك دور المحاكم في رعاية وإقرار وتنفيذ القوانين التي تحفظ الأمن والقوانين، التي ترعى عمل كافة المؤسسات الأخرى، في إطار الحكومة الإلكترونية.

  وبالاضافة الى كافة الأهداف والنتائج التي أسلفنا والناجمة عن المكننة الإلكترونية للمؤسسات، فأن نقاطاً إضافية تستدعي انخراط المحاكم الكامل في الحكومة الالكترونية منها:

  التوعية القانونية والقضائية للأفراد والمؤسسات، التي تكفل حسن السير والتفاعل في مجمل أركان المجتمع والدولة، فالتوعية القانونية تخفف اللي حد كبير من المنازعات والجهد والارباك للافراد والمجتمع.

 ويمكن القول أن الداعين الي اقرار نظام اليكتروني فى المحاكمات يؤكدون سهولة عملية التواصل الدائم، بين المحاكم راعية القوانين، وبين الأفراد والمؤسسات، وبالأخص عبر وسائل التواصل الإجتماعي ـ لتحقيق مثل تلك التوعية المستمرة والمتصاعدة.

  التواصل لا بد وأن ينعكس بالإيجاب على الطرفين، اذ أنه سيفرض مثلا على المحاكم –إضافة الى عملها التقليدي المهم، التفاعل مع أسئلة واستجوابات الطرف الأخر عبر توتير والفيس بوك مثلا، بما يطور بالضرورة من طريقة تعامل المحاكم مع قضايا الناس.

   وتجربة محاكم دبي، كانت كبيرة في هذا المجال كخطوات أساسية، عبر موقعيها على توتير والفيس بوك، وان كان هذا الجهد ما زال في بداياته لناحية عدد المتابعين للموقعيْن ام لناحية التفاعل المجتمعي بين الجانبين " المحاكم والمتابعين " مثلا عدد متابعي موقع توتير لمحاكم دبي لا يتجاوز ال 9300 فقط، في حين أن عدد مستخدمي "تويتر" في الإمارات يتجاوز 363 ألف مستخدم، أي أن الموقع ما زال بعيداً عن الوصول الى تحقيق الأهداف المبتغاة وكذلك الأمر بالنسبة الى موقع المحاكم على الفيس بوك.

   ولا بد من القول ان تحقيق السرعة والفاعلية في عمل جهاز المحاكم، لايؤدي فقط إلى زيادة استقرار وأمن المجتمع وأمانه، بل يؤدي ايضا الى تعزيز البيئة الجاذبة والمناسبة للأعمال والاستثمارات الخارجية والداخلية، للشركات والافراد ليطمأنوا على حقوقهم وعلى سرعة وفعالية التقاضي

       وما يزيد من أهمية مكننة المحاكم ان هذا القطاع الذي يُعتبر من اشد القطاعات "محافظة وتقليدية" في معظم المجتمعات والبلدان حيث الخوف من التغيير،وتداخل المسؤوليات وضعف التنسيق،وكذلك غياب التشريعات المناسبة وقلة وعي الجمهور بالمميزات المرجوة، إضافة إلى عدم توفر وسائل الاتصالات المناسبة، كلها عوامل كابحة لهذا القطاع،

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register