راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

الدكتورة درية شريف الدين تكتُب: حُباً فى الإسكندرية

لم أصدق عينى وتردد سؤال فى داخلى: هل ما أراه حقيقى؟ موقف للسيارات على كورنيش الإسكندرية! جراج مُعلق عادى كالذى نراه فى بعض شوارعنا، أى مجموعة من الأعمدة الخرسانية ذات واجهات مفتوحة تقف بينها السيارات، يتم بناؤه الآن فى مجرى شارع الكورنيش الذى ظل ممتداً من المنتزه حتى رأس التين لمسافة تزيد على ثلاثين كيلومتراً دونما عائق واحد؟ جراج مُعلق على البحر وفى نهر الطريق ستبرز منه السيارات وسيحجب مشهد انسياب شارع الكورنيش وفوقه أيضا طريق علوى لمرور السيارات فى منطقة من أجمل مناطق الإسكندرية ممتدة من ستانلى حتى سيدى جابر! من الذى ابتكر هذا الكيان الغريب وأطلق عليه اسم رَفعْ مستوى الكورنيش؟ ولماذا لم يُصمم الجراج تحت الأرض؟ ولماذا ملاصق للبحر؟ ألم يلمح على بُعد خطوات منه كوبرى ستانلى الأنيق ذى الطابع السكندرى المستوحى من مبانى قصر المنتزه والذى أصبح فُرجة ومزاراً وممشى لسكان المدينة وزوارها، وأصبح متصدراً لصورها السياحية؟ ألم تتم الاستعانة بأساتذة فن العمارة فى مصر وأساتذة كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية قبل أن توضع طوبة واحدة فى هذا الكيان الغريب؟ غابة من الأسمنت فى مجرى طريق الكورنيش تحجب وتنتهك حق الناس فى الفراغ العام وتقطع الواجهة المائية فى مدينة الإسكندرية، أقدم مدن العالم، كما قال بذلك أحد أساتذة فن العمارة، الذى هاله ما يحدث لكن لم يستمع إليه أحد. مثل تلك المشروعات فى أى مكان من العالم تسبقها دائما مسابقات فنية يشترك فيها الفنانون القادرون على صناعة الجمال وابتكار الأفكار ومراعاة التناسق مع البيئة المحيطة ولابد أن تخضع مقدما لحوار مجتمعى لاستطلاع رأى الناس ومقترحاتهم وإضافاتهم بل اعتراضاتهم كحق أصيل لهم، كما أن صوراً نهائية للمشروعات يجب أن ترفع فى المكان حتى يطلع عليها الناس، وفى حالة جراج الإسكندرية هذا لا أعتقد ولا أصدق أن حواراً مجتمعياً قد دار، ولا مسابقة فنية، ولم أجد صورة واحدة للمشروع فى شكله النهائى معلّقة بالمكان.

وأعود إلى جراج البحر هذا الذى أصبح أحد مواضع رفض واستياء أهالى الإسكندرية الذين بُحّت أصوات الكثيرين منهم رفضا لما يحدث بلا مجيب، وأعود إلى تحذيرهم لى من الكتابة فى هذا الموضوع، حيث إن المشروع الجديد لبناء فندق عالمى ومرسى لليخوت ومنطقة ترفيهية فى منطقة مصطفى كامل على البحر مباشرة وأمامها هذا الكوبرى الجراج هو مشروع تقوم به الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. سألت: وما المانع؟ هل ممنوع الاقتراب منها فى عمل مدنى الطابع؟ لقد قامت الهيئة بإنجاز مشروعات عملاقة فى أرجاء البلاد، خاصة فى مجال الكبارى والأنفاق وأحدثت ثورة فى الطرق كنا ننتظرها منذ زمن وأكسبتها طابعاً أنيقاً نال استحسان الجميع، لكن كبارى وأنفاق الطرق العامة خارج المدن وفى المناطق الصحراوية لها مواصفات، أما فى داخل المدن وعلى شواطئها وفى أجمل أماكنها فالأمر مختلف بل مختلف جداً، فلتلك الأخيرة مقاييس يجب أن تضيف إلى الجودة عناصر الابتكار والجمال والحفاظ على طابع المكان وتاريخه وقبول المواطنين له. قلت لهم: سأكتب ربما أمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه حبا فى الإسكندرية.

نقلاً عن جريدة المصري اليوم

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register