راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

الدولة المصرية التى لا تتعلم من أخطائها

 

 

ناجح إبراهيم
ناجح إبراهيم

  بقلم :   ناجح إبراهيم

   لن يُلدغ المؤمن من جحر مرتين» حديث عظيم لرسول الإسلام العظيم.. ولكن الدولة المصرية تُلدغ من الجحر الواحد آلاف المرات.

ولعل حكم محكمة المنيا الثانى الذى حوّل نصف ألف من الإخوان وحلفائهم إلى فضيلة المفتى هو خير مثال على توريط المحكمة للدولة المصرية ولدغها عشرات المرات دون اتعاظ ولا اعتبار من الطرفين.

فقد تمخض الحكم الأول عن لا شىء.. وسيُلغى تقريبا فى النقض.. فما المبرر لإحالة نصف ألف فى المرة الأولى إلى المفتى ونصف ألف أخرى فى المرة الثانية سوى الإضرار بسمعة الحكومة والدولة والقضاء، وحصار مصر اقتصادياً وسياسياً دون مبرر.

لقد فجَّر الحكم الذى أصدرته محكمة جنايات المنيا بتحويل أكثر من ستمائة من الإخوان، على رأسهم د. محمد بديع وعدد من حلفاء الجماعة، إلى فضيلة المفتى الدكتور شوقى علام لاستطلاع الرأى الشرعى فى إعدامهم، موجات من الجدل واللغط والإثارة ليس فى مصر فحسب ولكن فى العالم كله، وهذه الإحالة الجديدة تثير ضجة جديدة لم يكن لها أى داعٍ أو مبرر، وتخلق آثارا سلبية شديدة جدا للدولة المصرية كدولة، وللوطن المصرى كوطن، وللشعب المصرى كشعب، وللحركة الإسلامية التى سيتلقف بعض متطرفيها الحكم ويجعلونه مادة للتهييج والإثارة، ويستغله دعاة التكفير فى صنع أجيال جديدة من أهل التكفير والتفجير.

لقد تمخض الحكم الأول الذى قلب الدنيا رأساً على عقب عن الحكم بإعدام سبعة، وهؤلاء ستأتى محكمة النقض فى الغالب لتنقض حكمهم وتعطيهم أحكاما أخرى مخففة.. كما هو الشأن والعادة فى محكمة النقض المصرية.

أعلم أن جريمة اقتحام قسم مطاى كانت أسوأ ما تكون، وأن قتل نائب مأمورها دون ذنب جناه هو سلسلة من الجرائم المركبة، أخطرها هو القتل على الوظيفة، وهى جريمة لم تحدث فى تاريخ الإسلام، ولم يعرف هذا المعنى الفقه الإسلامى أبداً.. وكونها حدثت باسم الدين تزيدها بشاعة على بشاعتها.

ورغم ذلك، كان بوسع القاضى تحديد القتلة الحقيقيين لنائب المأمور والحكم عليهم بالإعدام من البداية مادام يعرفهم، مع استلهام رأى المفتى، بدلا من هذه الضجة الكبيرة التى أضرت بمصر حكومة وشعبا وقضاء، بل أضرت بمصر دوليا.

واليوم تتكرر المأساة بكل تفاصيلها مع عدد أكبر، بينهم مرشد الإخوان الحالى، الذى زج البعض باسمه فى كل القضايا من مطروح حتى أسوان دون تدقيق قانونى ودون تعقل أو حكمة، ودون حساب للضرر السياسى والإنسانى والدولى بمجرد التلميح أو التلويح بإعدامه، خاصة أن الجميع يعلم علم اليقين أن فضيلة المفتى لن يوافق على ذلك، لأن د. بديع لم تطأ قدمه هذه البلاد، ولم يحرض على اقتحام الأقسام أو قتل الضباط.. فضلا عن أن هذا الحكم سيُنقض فى النقض.

وقد يتحول هذا الحكم إلى مادة لتهييج كل الدنيا وارتفاع صيحات التكفير والتفجير والثأر والانتقام والسخط واستغلال الأمر للتضييق على مصر، ووصم القضاء المصرى بأنه استفتى المفتى فى أكثر من ألف شخص فى شهر واحد، مع أن ثلاثة أرباع المتهمين هاربون، ولن يضاروا من الحكم الذى أعتقد أنه سيحولهم إلى قنابل موقوتة يائسة ومحبطة وراغبة فى تفجير نفسها بدلا من أن تسلم نفسها طواعية للقضاء.. وهذه هى طريقة تفكير الشباب فى هذه السن التى خبرناها من خلال سنوات من القراءة والرصد والمتابعة، ولا يدرى أحد لماذا نحكم عليهم الآن؟.. ألم يكن من الممكن تأجيل الحكم حتى يُقبض عليهم؟

إن القاضى- شاء أو أبى- هو جزء من المجتمع، لن يستطيع أن ينفك عنه، أما الذين يقولون إن المحكمة فعلت ذلك للردع، فأقول لهم: القضاء ليست مهمته الردع ولكن مهمته إقامة العدل، وإنصاف المظلوم، وإعطاء كل ذى حق حقه بتجرد تام دون النظر إلى المحكوم من حيث صفته وانتماؤه ووظيفته، فقط تحقيق العدل المجرد للجميع وإعطاء الضمانات القانونية للمتهم.. بصرف النظر عن جريمته.

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register