بشار الأسد .. رئيساً لسوريا 2014 !
بقلم:أحمد مصطفى
للأوطان أحيانا فترات صعبة تمر بها ، وفترات رخاء وعز وهناء ، كانت سوريا هكذا .. بلد حضارة و تاريخ فى ماضيه .. جنة الشام ، ثم إنتكاسة من بعد رخاء .. لكن يبدو أن الانتكاسة قد طالت مدتها نسبيا !
في قلب بلاد الشام توجد "سوريا" أو "سورية" .. كيفما تحب أن تكتبها ! ، قصة أخرى لحكاية شعب صنع ثورته ليقضي على براثن الحكم الفاسد ويقتل مشروع توريث كان التخطيط له يتم على قدم وساق حتى تم تتويجه بخلافة بشار لأبيه حافظ ، خرج الشعب السورى يطالب بكرامة وحرية ولقمة عيش كريمة، خصوصاً وأنه يرى من حوله بلدان عربية مماثلة استطاعت أن تسقط أنظمتها الفاسدة، خرج الشعب مسالماً ، أرادها ثورة بيضاء حتى لا تفسد بياض الربيع العربي، وربما هذا ما كان يريده ثوار ليبيا أيضاً لولا جنون القذافي الذي فرض عليهم حمل السلاح للدفاع عن النفس أولا والتخلص من مرتزقته وكتائبه التي لا ترحم ثانياً. لكن داء سوريا هو رئيس يريد أن يبقى في الحكم إلى آخر لحظة من عمره، رغم أنه هو نفسه من خرج ليعلن أن الحفاظ على سوريا هو أسمى وأهم واجباته التي وهب حياته لها، فكيف سيحقق ذلك إذا كان بقاؤه في الحكم هو لب المشكلة التي قد تودي بسوريا وبشعبها على حد السواء؟! ، تطول ممطالة بشار وتكثر جرائمه ومعها تطول معاناة سوريا ، ولعل تلك المعاناة هى أخر ما قد يذكره أجيال سوريا المستقبلية عندما يقلبوا فى صفحات كتب التاريخ ليستعرضوا تاريخ الأباء و الاجداد. " هو زاهد فى الحكم ، ويريد العودة الى مزاولة مهنة طب الاسنان " ، هكذا ردد مفتى الديار السورية أكثر من مرة متحدثا عن بشار الأسد ، لكن مع كل مرة يردد فيها المفتى هذا الكلام فإن عدداً جديداً من قتلى الثورة السورية يسقط ، و أسماءاً اخرى يتم ضمها إلى قوائم الشهداء ، فهل ترك الرئيس للحكم و عودته إلى مزاولة طب الأسنان تستدعى كل هذه الدماء ؟! ، فحتى الأحياء من أبناء سوريا لا يأمنون على حياتهم من أن تصيبهم رصاصة غادرة من رجال النظام ، نحسبهم عند الله شهداء برغم كونهم احياء . فمشاهد القتل لا تختلف كثيراً عن تلك التى كنا نشاهدها مع بدايات أحداث الثورة الليبية عندما جلب القذافى المرتزقة كى يساعدوا كتائبه لقتل و ترويع أبناء شعبه ، أولئك الذين طالبوا بحرية كانت ممنوعة فى عهده وكرامة مهدرة ، ودولة مفقودة الأركان ، وهيبة أضاعها بتصرفاته الجنونية .
سيقرأ أبناء المستقبل كم عانى أباؤهم فى شبابهم لتخليص الوطن من الانفراد بالحكم .. وتوارثه، وجعل منصب رئاسة الجمهورية حكرا على اسرة بعينها دون غيرها ، بل ويتم توريثه من بعده لأبنائه كجزء من التركة والميراث ، وبالرغم من كل ما تشهده سوريا ألان .. فإن الامر لا يخلو من الطرائف الممزوجة بالحسرة .. عندما أعلن المبعوث الدولى الأخضر الابراهيمى أن بشار الأسد قد أخبره أنه ينوى الترشح لفترة رئاسية مقبلة لرئاسة سوريا من خلال الانتخابات التى ستجرى العام المقبل! ففى عز الوقت المتأزم على الأرض .. نجد لب المشكلة و جوهرها يعلن عن بقائه لمدة أطول ، وهو ما يعنى أن الأزمة ستطول ولن تنفرج قريبا من خلال المساعى السلمية والدبلوماسية، أو ربما لن تنفرج أبدا من خلال ذاك الطريق ، و ربما بعد أيام تبدأ حملة دعائية تدعو ما تبقى من مواطنين على الارض السورية لانتخاب بشار الأسد ، وقد تنتشر بوستارت تحمل عبارة (بشار الأسد .. رئيسا لسوريا 2014 ! ) ، فقط للعلم فإن بعض صفحات الفيس بوك قد أنشئت بالفعل لهذا الغرض ، فهل من سخرية وإستخفاف أكثر من هذا ؟! فى الواقع إن هناك ما يرسخ فى عقلية الرؤساء أنهم خلقوا ليكونوا رؤساء ، هناك " حاشية " حولهم تقنعهم بأن حال البلاد سيكون أسوأ فى حيال غيابهم عن السلطة ! ، فيقتنع الرؤساء تحت ضغط " حاشية النفاق " ، و مطالبة وهتاف المأجورين من أتباعهم إلى البقاء فى السلطة ، مدة قد تطول .. لكنها نادراً ما تقصر ، ويبقى الموت هو المنقذ الوحيد للبلاد لتخليصها من هكذا رؤساء ، لكن فى زمان وصفه البعض بــ " الربيع العربى " ، عرفت الشعوب العربية بعد ان إستفاقت من غفوتها أن هناك منقذ آخر يمكن ان تتخذه وسيلة أيضاً للتخلص من الطغاة ألا وهى " الثورات " ، وبالرغم من غليان الشارع العربى منذ الشرارة الاولى التى أشعلها البوعزيزى فى تونس ، فإن كل رئيس يخرج على شعبه ليؤكد أنه مصمم على البقاء من أجل الحفاظ على أمن الوطن و إكمال مسيرته الاصلاحية التى بدأها منذ عقود ! ــ عن أي إصلاح يتحدثون ؟!
أتمنى خلاصا قريبا لسوريا من وضعها الحالى ، بأن تنتهى الأزمة وتنجح الثورة ليكتمل عقد الربيع العربى الأبيض ، لكن هل يبدو ذلك قريباً ؟! .. هذا ما ستجيبنا عليه الأيام القادمة