راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

"مهاويس التاتو في مصر" .. تقليد أعمى للفنانين أم ثقافة غربية؟..تقرير

منذ عدة أعوام، ظهر نجم الغناء عمرو دياب على بوستر أحد ألبوماته، وعلى ذراعه وشم باسم ابنه «عبدالله»، ومؤخرا ظهر على بوستر ألبومه الجديد «معدى الناس» وعلى صدره كلمة Stamina فى إشارة إلى قوة تحمله للمشاكل والصعاب، كما كان الوشم أو «التاتو» بطلا فى أزمة الفنانة الشابة دنيا مسعود، عندما وشمت على ذراعها عبارة «خصومة قلبى مع الله» التى اقتبستها من الشاعر الكبير الراحل أمل دنقل.. أما الآن فلم يعد رسم التاتو مقتصرا على أهل الفن والغناء فقط، بل أصبح موضة بين أوساط الشباب والفتيات، وله العديد من الصيحات مثل التاتو الإسلامى والتاتو القبطى.

أرادت أن تشارك الشباب هذا العالم، وتبحث أسباب انتشار ظاهرة «التاتو» بصورة كبيرة خلال الآونة الأخيرة، فالتقت عددا من رسامى التاتو المصريين، وتعرفت منهم على رحلتهم فى احتراف هذا «الفن» كما يؤكدون، كما استطلعت رأى الدين والطب فى هذا الصدد.

أسامة أيوب أشهر الرسامين: السعر يصل لمليون جنيه أحيانًا

«أعمل فى هذه المهنة منذ عام ٢٠٠٨ قبل أن يمتهنها أحد، وقبل أن تصبح موضة عقب الثورة، وكانت البداية أثناء زياراتى للولايات المتحدة الامريكية، وتحديدا نيوجيرسى، لزيارة أقاربى، وهناك تعلمت هذا الفن على أصوله وتعلقت به جدا، وعقب عودتى إلى مصر وسفرى لشرم الشيخ، تعرفت على مجموعة من الإنجليز الذين شجعونى على تطبيق هذه الفكرة وهو ما حدث بالفعل».. هذا ما قاله أسامة أيوب، الشاب الثلاثينى، الذى ترك المحاسبة من أجل احتراف رسم التاتو، وقد أصبح شهيرا فى هذا المجال، خصوصا بعد أن صمم الرسومات التى ظهر بها الفنان أحمد الفيشاوى وأثار بها الجدل مؤخرا.

عقب أحداث الثورة وتردى حالة السياحة، قرر أسامة أيوب العودة من شرم الشيخ إلى القاهرة، حيث فتح محلا فى شبرا الخيمة، وأنشأ صفحة على «فيسبوك» لتعريف الناس بكل كبيرة وصغيرة عن فن التاتو، لتنتشر هذه الظاهرة بسرعة شديدة، فيقول أيوب: «كل من يرسم تاتو يعود مرة أخرى ليغطى جزءا جديدا من جسده، فهو يتحول إلى إدمان، وله لذة كبيرة لا يعرفها سوى من جربها».

«فكرة رسم التاتو جاءت عن طريق البحارة الذين يمكثون بالبحار لأشهر طويلة بعيدا عن أهلهم، حيث قرروا رسم ذويهم على أجسادهم حتى يظلوا معهم دائما».. هكذا فسّر أيوب انتشار التاتو فى العالم، ويضيف أن هناك صيحات عديدة فى الرسومات حاليا، فالبعض يرغبون فى رسم آيات قرآنية، أو أيقونات قبطية، لكنه لفت أيضا إلى أن هناك شبابا يطلبون منه رسم وشوم تحتوى على «أعمال سفلية وسحر»، أو رسومات خاصة بمن يطلقون على أنفسهم «عبدة الشياطين»، وكذلك رسم «صليب مقلوب»، ليعقب: «لكنى أرفض أن أرسم تلك الأنواع».

أما عن أسعار التاتو، فيقول أسامة أيوب إنها تبدأ من ٥٠٠ جنيه، ويصل سعر وشم الذراع كاملة إلى ٤٠ ألف جنيه، ومن الممكن أن تصل الأسعار إلى مليون جنيه، حسب كمية الألوان المستخدمة وحجم الرسومات، وأغلى أنواع الرسم هو الذى يكون فى المناطق الحساسة، بسبب صعوبة الرسم بها، مشيرا إلى أن منطقة الرقبة تعتبر من أصعب مناطق الرسم بالجسم.

ويبرر أسامة أيوب ارتفاع الأسعار بأنه يستورد جميع الخامات، كالأحبار والماكينة والإبر، من أمريكا: «كل الحاجات سعرها غلى، ودا بسبب ارتفاع سعر الدولار، ودا اللى أثر على تسعيرة رسم التاتو»، منوها بأن هناك مشاكل أخرى مثل عدم وجود تصاريح لمحلات رسم التاتو، ويعقب: «أتمنى أن تصبح مراكز رسم التاتو مرخصة، لأننا نقوم بالرسم داخل محلات مرخصة على أنها محلات كوافير حريمى، وطبعا ده بيعرضنا لصعوبات عديدة فى استيراد الخامات الخاصة بنا».

ويؤكد أيوب أن مصر تعد أكثر دولة فى الوطن العربى يتجه شبابها إلى رسم التاتو، وتأتى بعدها دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرًا إلى أن هناك دولا عربية تجرم رسم التاتو نهائيا، وعلى الرغم من كل الصعوبات يرى أيوب أن «التاتو ليس موضة وستنتهى، ولكنه سيصبح ظاهرة مستمرة، لأنه إدمان».

عليا فضالى: عادة فرعونية قديمة.. و«العشاق بيطلعوا عينى»

عليا فضالى فتاة عشرينية، من فنانى التاتو الذين ذاع صيتهم خلال الآونة الأخيرة، تتحدث عن بدايتها مع هذا الفن، تقول: «التاتو فن جميل لمن يفهمه، ومن يعرفه سيعشقه ويواظب على رسمه باستمرار، أنا أرسم التاتو منذ ٥ سنوات، والفكرة بدأت عن طريق عشقى للرسم، كنت أرسم أى شىء أراه أمامى، وساعدتنى دراستى على احتراف المهنة».

«التاتو عادة فرعونية قديمة عكس ما يتوقع البعض أنها عادة أوروبية أو غربية»، تؤكد عليا، ثم تستطرد أن رسومات التاتو تختلف من شخص لآخر، لكن أسوأ ما تقابله هو الرسم للأشخاص المرتبطين، فتقول: «أغرب حاجة بشوفها لما يجى المرتبطين يكتبوا أسماء بعض على جسمهم، وبعد فترة ينفصلوا وييجوا تانى عايزين يشيلوا التاتو».

ترفض عليا رسم التاتو لمن هم دون السن القانونية، وتطالبهم بحضور الأهل والموافقة على الوشم، وأكثر ما يسعدها هو تاتو «المفقودين»، وتوضح: «هناك من يفقد ذويه ويطالبنى برسم صورته حتى يظل معه للأبد، وهذا الأمر يسعدنى أنا أيضا».

وعن أهم الشروط المطلوبة لدى المشتغلين برسم التاتو، تقول عليا: «أهم حاجة فى رسم التاتو هى نظافة الأدوات المستخدمة فى الرسم وتعقيمها، وده بيكون عن طريق جهاز خاص للتعقيم، فلو الشخص اللى بيرسم ملقاش الجهاز ده يخاف على نفسه ويبعد عن المكان ده».

رامى: الوشم رسالة نبيلة.. والفيشاوى والحسينى وأبوالحسن أشهر زبائنى

رامى تاتو، أحد أشهر راسمى الوشوم فى مصر، لا يرى فى مهنته شيئًا خارجًا عن المألوف، فيقول: «أولا التاتو ده ثقافة من أهم الثقافات اللى موجودة فى الخارج، ولكن إحنا فى مصر متأخرين عن العالم الخارجى بمراحل كبيرة فى كل شىء، يعنى كل حاجة بتوصل لينا متأخر أوى، وكمان التاتو يعتبر عادة فرعونية قديمة، ولكن بدأت تنتشر فى مصر خلال الآونة الاخيرة، مثلها مثل باقى الثقافات التى نستوردها من الخارج مؤخرا».

ولا يرى رامى أن التاتو مجرد موضة، وإنما يعتبره «رسالة وغاية نبيلة»، فيقول: «التاتو فن وبه رسائل عديدة وليس موضة ستنتهى يوما ما، ولكنه باق، وفى العديد من دول أوروبا توجد له محلات مخصصة ومهرجانات وكرنفالات، ويتم اختيار موديلز مخصصين لعمل استعراض برسم التاتو».

أما عن زبائنه المشهورين، فقال إن أبرزهم الفنان أحمد الفيشاوى، والإعلامى يوسف الحسينى، والفنان عباس أبوالحسن، وغيرهم من المشاهير الذين يقصدون رامى لرسم وشوم مختلفة فى أماكن متفرقة من أجسادهم.

ويتابع رامى: «أضع بعض القوانين خلال عملى بهذا الفن، أهمها عدم الرسم لمن هم أقل من ١٨ عامًا، وأيضا لا بد من توافر الموهبة قبل كل شىء عند أى تاتو أرتيست، وأحذر الشباب من بعض الخدع التى يعلن عنها بعض رسامى التاتو، وهى أنه يوجد تاتو ٦ شهور أو ٨ شهور، لأن كل هذا كذب، لأن التاتو لا تتم إزالته إلا باستخدام الليزر».

المدمنون: رسم الوشوم ممتع.. وسنعلمها لأطفالنا

أجسادهم تجتاحها الرسومات الغريبة، جماجم أو وجوه غريبة، وربما صور لعقارب أو ثعابين، لكنهم فى النهاية مستمتعون بذلك، فهى رموز «الروشنة» فى رأيهم..

محمد على، شاب فى أواخر العشرينات، أحد مهاويس رسم التاتو، يقول: «أنا شغال ويب ديزاينر، وبطبيعة شغلى بسافر كتير خارج مصر، وشوفت اشخاص كتير عاملين تاتو، فأعجبت بالفكرة وقررت تنفيذها وبمجرد أول تاتو رسمته قمت بالعودة مرة أخرى لرسم الثانى والثالث، فالتاتو يعتبر إدمانا ومتعة لا يعرفها سوى صاحبها».

ويضيف على: «لا أعارض أن يقوم أطفالى برسم التاتو، بل على العكس سأقوم بتشجيعهم، لأننى أرى فيه فنا جميلا ولا يوجد به حرمانية من وجهة نظرى، فالمحرم هو الوشم الذى كان يدخل إلى الدم، لذلك كان يحرمه الدين، ولكن التاتو يستخدم عن طريق الحفر فى الجلد».

أما ندى خليل، إحدى عاشقات التاتو أيضا، فتحكى: «رسمت العديد من التاتوهات لفترة طويلة، تحديدا أثناء تواجدى بشرم الشيخ، لأن هذا الفن منتشر هناك منذ فترة طويلة، ولكن هذه الأيام عرف طريقه لداخل القاهرة خصوصا بعد حالة الانفتاح التى عاشها الشباب عقب ثورة ٢٥ يناير، وهى التى ساعدت على افتتاح أماكن عديدة لرسم التاتو وأصبحت غير مقتصرة على الأماكن السياحية فقط».

وتضيف الفتاة: «عموما أنا شايفة إن التاتو موضة جميلة بين الشباب وأتمنى ألا تختفى وأن يكون بها تجديد باستمرار

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register