راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

وطن بلا سكان.. وثورة بلا أركان

 

أحمد إبراهيم عصر
أحمد إبراهيم عصر

أحمد إبراهيم عصر:

لم يتغير المشهد كثيرًا منذ قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة, وما زلت أؤكد علي أنها ثورة مجيدة لم تتبدل صورتها في ذهني كما تبدلت في ذهن الكثير وإن كانت الثورة قد حادت عن طريقها ومسارها الصحيح إلا أن أمل عودتها ما زال قائمًا في نفوس المؤمنين بها, هذه الثورة التي خرجت من القلوب وواجهت نظام تربع علي عرش الحكم ما يقرب من الثلاثين عامًا, ووجدنا بها تآلف بين جميع أطياف الشعب رجالًا ونساءً, شبابًا وشيوخًا, مسلم ومسيحي, نسي الجميع الألقاب والانتماء إلي فئة بعينها ولم يتذكروا سوي الهوية الوطنية, لم يتذكر أحد سوي أنه مصري يستعيد وطنه المسلوب منذ أعوام طويلة, إلا أن هذه الحلية التي زين بها الشعب ثورته لم تستمر كثيرًا حينما بدأ الصراع علي السلطة من الجميع, حينما سرقت الثورة من أبنائها الأصليين ونُسبت إلي أشخاص لا يعرفون للثورة معاني, ولا يريدون سوي تحقيق مصالحهم والوصول إلي كراسي الحكم الزائلة, حتى وصلنا إلي ما نحن فيه الآن من صراع "الجبابرة" الذي لا يروح ضحاياه سوي شباب هذا الوطن لنراهم قتلي بدلاً من أن يكونوا حماة المستقبل وحامليه علي أكتافهم, ليواري التراب أملنا ونصبح كالوطن الذي لا يقطنه سكان وتضيع من ثورتنا أركانها التي قامت عليها.

حرب أهلية أم فتنة طائفية

هذا هو السؤال الذي يتردد علي أذهان الكثير في هذه الآونة حيث أصبح السيناريو المتوقع القادم في المستقبل القريب هو إحدى المصيبتين, إما حرب أهلية يقودها من يتصارعون علي السلطة في مصر ولن يدفع ثمنا أحد غير الشعب المصري نفسه, وإما فتنه طائفية بين مسلمي ومسيحي مصر والتي حاول الكثير إشعال فتيلها في محاولات عدة من قبل إلا إنها باءت جميعها بالفشل, علي العكس مما نراه الآن حيث أن الفتنة الحالية إذا نجح أحد في إشعالها لن يتمكن أحد آخر من إخمادها مرة ثانية.

 الأوضاع في مصر ساءت إلي حد لا يبشر بخير الأمر الذي جعل الجميع في قلق دائم وخوف مستمر علي مستقبل هذا الوطن الذي أصبح يحيطه الضباب من كل جانب حتى أضحينا لا نري من ملامحه شيء, وأصبحنا نبحث عنه من حولنا كمن يبحث عن إبرة خياطة في كوم من القش.

إبادة الشعب المصري هي الحل!!

هذا هو الشعار الذي يرفعه الجميع الآن من قوي سياسية ممثلة في التيار المدني الذي يقبل بموت المصريين في مقابل القضاء علي ملامح عدوه السياسي, حكومة الدولة وكثير من القائمين عليها الذين لا يتخذون سوي العنف سبيلًا من أجل إحكام قبضتهم علي مصر مرة أخري بشكل يوحي بشدة إلي عودة الدولة البوليسية من جديد وبشكل أكبر مما كانت عليه من قبل, أو حتى الكثير من قيادات جماعة الإخوان المسلمين الذين علي استعداد بالتضحية بشباب الجماعة وأطفالها ونسائها حتى وإن وصل الأمر إلي التضحية بشعب مصر أجمع من أجل الحفاظ علي كراسيهم التي وصولوا إليها بعدما كانوا محاصرين في سجون النظام البائد, فهؤلاء جميعًا لم ينتبهوا في صراعهم الغاشم إلي هذا الشعب المغطي بالتراب تحت أقدامهم, فهم يتناحرون ويتقاتلون متخذين من المواطن المصري درعًا لهم يتم استبداله حينما يتحطم, ولما لا وهناك قرابة المائة مليون مواطن يظنهم الجميع تحت إمرتهم يتصرفون فيهم كيفما شاءوا, ولكن علي هؤلاء جميعًا أن يعملوا أن الشعب المصري ليس ملكًا لأحد وإذا أردا كل منهم تحقيق مبتغاة البعيد تمامًا عن مصلحة هذا الوطن, عليه أن يبيد هذا الشعب أولا حتى يصبح الوطن بلا شعب وحينها سيتمكن كل منهم من فعل ما يريد.

أين عقلاء الوطن؟!!

ما نمر به الآن وما نراه من تعنت غير مسبوق من جميع الأطراف, يحتاج إلي ظهور العقلاء في هذا الوطن الذين يسعون بحق إلي تحقيق الاستقرار ولا يريدون مصالح شخصية وإنما يضعون نصب أعينهم مصلحة الوطن ويجعلونها فوق كل الاعتبارات, فنحن في حاجة إلي مثل هؤلاء في هذه الظروف العصيبة التي قلما نمر بها وفي حاجة إلي حلول جادة يقدمونها ويسعون لتنفيذها من أجل الخروج من هذا النفق الضيق الذي يكاد يكتم أنفاسنا فنموت جميعنا بداخله, ورسالة إلي هؤلاء المتعنتين الذين لا يرون سوي مصالحهم فقط, كفاكم تناحر وصراع علي السلطة ألم يكفكم هذه الأعداد التي تموت كل يوم من أبناء الوطن, ألم يكفكم كم المنشآت التي تم تدميرها, ألم يكفكم الأطفال التي يُتمت والنساء التي رملت والأمهات التي فقدت أبناءها, حسبكم هذا قبل أن يخرج عليكم جيل بأكمله كارهًا لكم ولديمقراطيتكم  ولن يتعامل معكم إلا عن طريق العنف وهو قد بدأ في الظهور بالفعل, كفاكم لم تعد مصر تستحمل عنادكم وصراعكم, اتقوا الله في وطنكم وشعبكم اتقوا الله في جيل قادم تربي علي صوت الرصاص ولن الدم.

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register